ولهذا،
فإن أهم يما يجب على العاقل تطهير نفسه.. لأن ذلك مفتاح سعادته.. وهو مفتاح
الاستخدام السليم لما منحه الله من طاقات وقدرات.. أما مع انحراف النفس فكل
المكاسب والإمكانات التي ينالها الإنسان في هذه الحياة قد تصبح وبالاً عليه،
ووسائل دمار تصيبه والآخرين بالشر والضرر.
فالعلم أو المال أو القوة أو الجمال أو أي إمكانية
أخرى إذا كانت تحت تصرف نفس شريرة فاسدة، أو تَحْكُمُها قراراتٌ شهوانية من وحي
الهوى، فإنها قد تجلب الخسار والشقاء والدمار لصاحبها وللآخرين.
ومآسي البشرية في الماضي والحاضر هي سجل كبير لشواهد
وأدلة هذه الحقيقة الواضحة.
لذا كان من الطبيعي أن تركز النصوص المقدسة على مسألة
الاهتمام بإصلاح النفس كمنطلق لإصلاح الإنسان والحياة كما قال تعالى:﴿.. إِنَّ
اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ..
(11)﴾ (الرعد)
***
سرنا إلى آخر، وقد علمت أن اسمه (الصادق)([471]) كانت عليه سيما أنوار الورثة من أهل البيت.. سمعته
يخاطب صاحبا له يقال له (عبدالله بن جندب البجلي الكوفي).. وكان مما سمعته منه
قوله: يا عبدالله: لقد نصب إبليس حبائله في دار الغرور فما يقصد فيها إلا أولياءنا،
ولقد جلت الآخرة في أعينهم حتى ما يريدون بها بدلاً.
يا ابن جندب: حق على كل مسلم أن يعرض عمله في كل يوم
وليلة على نفسه فيكون
[471] أشير به إلى الإمام
الكبير (جعفر الصادق)، وقد ذكرناه في مواضع مختلفة من هذه السلسلة وغيرها، وانظر
الحديث الافتراضي معه في فصل (العارف) من (النبي الإنسان)