فقال : (الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض)([467])
فسألته عن سر هذا الحديث، فقال: العاقل هو من بدأ
بالنظر في عيوب نفسه، وانشغل بها، فلا يمكن أن يتطهر من لا ينظر في مرآة الروح
ليرى ما لصق بروحه من أنواع الأدران.
قلت: فالنظر إلى النفس حجاب.
قال: والانشغال بعيوب الناس عن عيوب النفس أعظم منه..
فـ (ربما كنت مسيئاً فأراك الإحسان منك صحبتك إلى من هو أسوأ حالاً منك)([468])
اقتربنا من أحد هؤلاء المتطهرين، فسمعنا المرشد يخاطب
المتطهر قائلا: اعلم أن
من أطاع هواه أعطى عدوه مناه.. وأن راكب الشهوات لا تستقال عثراته.. وأن من كرمت
عليه نفسه هانت عليه شهوته..
لقد قال الصادق، وهو يربي الصادقين: (احذروا أهواءكم
كما تحذرون أعداءكم، فإنه ليس شيء أعدى للرجال من اتباع أهوائهم)، وقال لبعضهم:(لا
تدع النفس وهواها، فإن هواها في رداها وترك النفس وما تهوى أذاها وكف النفس عما
تهواه دواها)
وروي في الحديث أن رجلاً اسمه مجاشع قال: يا رسول الله كيف الطريق
إلى معرفة الحق ؟ فقال (ص): (معرفة النفس)، فقال: فكيف
الطريق إلى موافقة الحق؟ فقال (ص):
(مخالفة النفس)، فقال: فكيف الطريق إلى رضا الحق؟ فقال (ص): (سخط النفس)، فقال: فكيف الطريق إلى طاعة الحق ؟
فقال (ص): (عصيان النفس)، فقال: فكيف
الطريق إلى ذكر الحق؟ فقال (ص): (نسيان
النفس)، فقال: