قال خبيب: لقد بحثت فيها بهذه النية..
فوجدتها على عكس ذلك تماما.. لقد وجدتها تنير للعقول الدروب السليمة التي تتيح لها
التفكير السليم.. ولم أجد فيها أي قمع للعقول أو حجر عليها..
سأضرب لك أمثلة تقرب لك ما اكتشفت من
ذلك:
وسأبدا بما يملأ دنيانا ضجيجا.. قومنا
يسمونها الديمقراطية.. أو اشتراك الشعب في اتخاذ القرار.. والقرآن يعطي بديلا لذلك
يسميه (الشورى).. لقد قال الله تعالى في وصف المجتمع المثالي للمؤمنين :﴿
وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى
بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) (الشورى:38).. انظروا كيف قرن
القرآن الشورى بأعظم شرائعة من الصلاة والزكاة.. بل إنه جعلها وسطا بين الصلاة
والزكاة.
ولذلك فإن الأحكام الفقهية المستنبطة من
هذه الآيات تنص على أنه لا يجوز لحاكم، ولا لمجتمع، أن يلغي الشورى من حياته
السياسية والاجتماعية.. ولا يحل لسلطان أن يقود الناس رغم أنوفهم إلى ما يكرهون،
بالتسلط والجبروت.
هذا القسم الذي فهمه الفقهاء من الآية
يسمى ثابتا.. وأنتم ترون أن القيمة التي يحملها قيمة ثابتة..
أما المرونة التي رأيت أن النص يحملها..
ويحث العقل على التفكير فيها.. فهي الآلية التي تمارس بها الشورى.. فأنتم ترون أنه
ليس في الآية أي تحديد لشكل معين للشورى، يلزم به الناس في كل زمان وفي كل مكان
فيتضرر المجتمع بهذا التقييد الأبدي، إذا تغيرت الظروف بتغير البيئات أو الأعصار
أو الأحوال.
سكت قليلا، ثم قال: مثال آخر قريب من هذا
يمثله قوله تعالى :﴿ وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ