لقد تعاملت الشريعة معه في هذه الأحوال كما تتعامل
مع السم.. فلا يمكن لعاقل أن يحاكم السم.. فالسم سم.. هذه طبيعته.. ولا يمكن لأحد
أن يحاكم أحدا على ما تقتضيه طبيعته.
قال رجل منا: لقد ضربت لنا النماذج عن مدى واقعية
الشرائع المختلفة.. ولكنك لم تحدثنا عن مدى واقعية الشريعة التي تريد أن تقدم روحك
ضحية لنصرتها.
قال خبيب: بما أن هذه الشريعة شريعة ربانية.. والله
أعلم بعباده.. أعلم بثوابتهم وأعلم بمتغيراتهم.. فقد راعت الشريعة الثوابت، فحافظت
عليها، وأكدتها.. وتركت في نفس الوقت فرصة لتحرك المتغيرات حتى لا تضيق حياة أحد
بالتضييق فيها.
قال الرجل: ما أسهل أن يقال هذا في أي شريعة من
الشرائع!؟
قال خبيب: صدقت.. أنت تبحث عن التفاصيل.. سأذكر لك
من باب الإشارة منها ما يدلك على مجامعها.
لقد وجدت من خلال بحثي في مدى واقعية الشرائع
المختلفة أن الخلل دخل فيها بسببن:
أحدهما مرتبط بمصادر هذه الشرائع.. فقد وجدت أنها
مصادر متشددة متزمتة لا تتيح للعقل التكيف مع الوقائع المختلفة مهما كانت خاضعة
للتغير..
وأما الثاني، فهو مرتبط بالأحكام، وعدم التمييز
فيها بين المتغيرات والثوابت..