قلنا: حدثتنا عن الركنين الأولين..
فحدثنا عن الثالث الذي جعلك تعتبر الربانية ركنا من أركان الشريعة.. وخاصة من
خصائصها الأساسية.
قال: لقد عرفت من خلال أدلة واقعية كثيرة أن
الشريعة الوحيدة التي تستطيع أن تؤثر في الناس هي الشريعة التي يفرضها إله قوي
حاكم له سلطة على عباده، فهو يجازيهم إن أحسنوا، ويعاقبهم إن أساءوا.. وهو مع ذلك
كله مطلع عليهم يعرف سرهم وعلانيتهم.
وهذا الذي عرفته يمكنكم أن تعرفوه جميعا.. وبسهولة
ويسر..
فأنتم تعرفون أنه لو طرحت ـ مثلا ـ قضية أمام
القانون، وتعمد الفريقان وشهودهما الكذب، فلم يتبين الصدق أمام القاضي.. فإن
القاضي في هذه الحالة لن يتمكن من الحكم بالعدل مهما حاول.
ولذلك كان لابد من قانون آخر (وراء القانون) يحرك
الناس، ويحملهم علي الإدلاء بالبيانات الصادقة للوصول إلي العدل.. وقد اعترفت جميع
محاكم العالم بهذا المبدأ، حتى إنها تلزم كل شاهد أن يقسم بالله أن يقول الحق قبل
الإدلاء بشهادته.. وهو دليل واضح علي أهمية المعتقدات الدينية، حتى أصبحت أيمان
المحاكم أضحوكة، تقليدا لا يأتي بأي نفع.
ليس هذا فقط ما أريده بالركن الثالث، والذي أسميه
عادة (التأثير)..
[24] سنرى التفاصيل
المرتبطة بموقف الإسلام من الجرائم المختلفة في فصل (الحزم) من هذه الرسالة.