وهذا مخالف لما جاء به الدين من اعتبار (الزنا)
جريمة مطلقة.. وقد وجدت أن الدين أصدق في هذا الاعتبار من القانون.. فالزنا يحمل
فسادا نفسيا واجتماعيا كبيرا.. فهو ينشئ مشكلات الأطفال غير الشرعيين، ويضعف روابط
الزواج ؛ بالإضافة إلى كونه يصدر عن عقلية تفضل اللذات السطحية في الحياة، وتربي
عقلا خائنا، وتخلق السرقة واللصوص، وتروج الاغتيالات والانتحار والخطف ؛ ومن ثم
يفسد المجتمع كله.. ولكن القانون - رغم ذلك- لا يستطيع اعتباره جريمة لأنه لا يجد
أساسا لتحريم (الزنا) الذي تم بالرضا المتبادل.
وهكذا بالنسبة للخمر.. لأن القانون يتصور أن الأكل
والشرب حق من الحقوق الطبيعية للإنسان، وهو حر في اقتناء ما يريد أن يأكله ويشربه
؛ وليس للقانون أن يتدخل في حقوق الطبيعة، ومن ثم لم يكن شرب الخمر والسكر الذي
يتبعه جريمة في الواقع، إلا إذا اعتدي شارب الخمر علي أحد المواطنين في هذه الحالة
من السكر ؛ أو خرج إلي الشارع وهو سكران ؛ فالجريمة ليست هي حالة السكر بل
الاعتداء علي الآخرين في تلك الحالة!
لكن الشريعة تخالف ذلك وتعتبر شرب الخمر جريمة
تعاقب عليها.. وقد وجدت أنها في هذا أصلح للإنسان من القانون.. فالخمر تضر بالصحة،
وتبدد أموال الناس، وتؤدي بمدمنيها إلي كوارث اقتصادية محققة، وتضعف الشعور
الأخلاقي، حني إن الإنسان يتحول إلي حيوان رويدا رويدا.. والخمر خير مساعد
للمجرمين، فهي تشل الإحساسات اللطيفة، حتى يستطيع الإنسان اقتراف أية جريمة من السرقة
والقتل، وهدر العصمة.. ولكن القانون الإنساني رغم هذه المعايب الشنيعة لن يتمكن
من تحريم الخمر، لأنه لا يجد جوابا يسوغ تدخله في حق من