ما إن استطاعت أن
تحطم صروح الباطل حتى راحت تسرع إليهم لتطلب منهم أن ينفذوا تلك المشاريع التي
قضوا أعمارهم كلها من أجلها.
قلت: فهل قبل هؤلاء؟
قال: وهل ترى الطبيب يهرب من مريضه؟
قلت: ولكن هذه مسؤولية.
قال: هم قبلوها.. لأنهم شعروا أنهم أهل
لتلك المسؤولية.. بل إن بعض الناس ممن لم يفطن لهم الناس قدم وأخبر عن قدراته،
وفعل كما فعل يوسف عندما طلب أن يجعل على خزائن الأرض.. لقد قال للملك:﴿ اجْعَلْنِي
عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ (يوسف: 55)
قلت: ولكن قوانين العدالة تفترض وجود
وسائل تعبر بها الجماهير عن رأيها.
قال: لقد وضع الطغاة تلك القوانين.. وليس
لهم من غرض إلا استثمار تلك الوسائل لممارسة المزيد من الاستبداد والقمع..
سكت قليلا، ثم قال: إلى الأمس القريب
كانت الجرائد.. ومعها جميع وسائل الإعلام.. لا تصيح إلا بحمد الطواغيت.. لا لأن
الرعية كانت تحب هؤلاء الطواغيت.. ولكن لأن الطواغيت كانوا يملكون هذه الوسائل،
وكانوا يفرضون بها من الآراء والتوجهات والمواقف ما يخدم مصالحهم.
قلت: فكيف استطعتم القضاء على ذلك كله؟
قال: ذلك طريق طويل.. وإن كنت صادقا
فسيقيض الله لك من يدلك عليه لينتفع به جميع المستضعفون في الأرض، ليخرجوا من سجون
الاستضعاف إلى القوة العظيمة التي منحهم الله