قال: هذا السبيل الذي اخترناه وأجمعنا
عليه، ولم نحتج في إجماعنا لأي صناديق.
قلت: من السهل أن تحكي الإجماع.. فما
أدراك لعل الناس اختلفوا؟
قال: الناس يختلفون إن ارتبط الأمر بالأهواء..
ولكنهم لا يختلفون إن ارتبط الأمر بالحقائق.
قلت: لم أفهم.
قال: سأضرب لك مثالا يقرب لك ذلك.. أرأيت
لو أن جمعا كبيرا من الناس فيهم الوجهاء والأمراء والعلماء.. وكل منهم له من حب
الرئاسة ما يدفعه لأن يطلبها بكل السبل.. ثم سقط بينهم صريع يكاد الموت يفتك به..
أجبني: من يجرؤ منهم على الاقتراب لعلاجه؟
قلت: لا شك أنه الطبيب.. فليس للمرضى إلا
الأطباء.
قال: أرأيت إن كان هناك أطباء كثيرون؟
قلت: لاشك أنهم سيسلمون الأمر إن كان
صعبا لأكثرهم خبرة وعلما.
قال: فهل يحتاج هؤلاء لإجراء انتخابات؟
قلت: الأمر أعجل من ذلك.. وإن احتاجوا
لذلك، فسيكون بين المختصين دون غيرهم.
قال: فهذا ما حصل لنا.
قلت: كيف ذلك؟
قال: لقد قضى رجال كثيرون ممتلئون
بالحكمة والعلم والخبرة طرفا طويلا من أعمارهم في الدعوة للعدالة، وقد أثبتوا
بسلوكهم مدى صدقهم.. وقد وثقت فيهم الرعية أيما ثقة.. ولذلك