لقد ردد جميع أحفاد الطغاة ما تذكره
ليقولوا للرعية المسكينة: الأمر أعقد من أن تفهميه.. فلذلك ليس عليك إلا أن تطيعي.
قال الرجل: أنا لم أستند للطغاة في قولي
هذا.. لقد استندت إلى علماء كبار.. علماء يرتدون من العمائم ما لا تستطيع أنت ولا
أحد في الدينا أن يرتدي مثلها.. لقد وفقني الله فدرست على يد شيخ منهم.. هو من
كبار شيوخ الأزهر.. كان اسمه (علي عبد الرازق).. لقد كتب كتابا في ذلك الحين لم
يؤلف مثله من قبل ومن بعد.. سماه (الإسلام وأصول الحكم )..
أذكر أنه كتب كتابه هذا سنة ( 1925 م )
في تلك السنين التي ألغي فيها نظام الخلافة في تركيا.. وكان كتابه ذلك من أعظم
هداياه لهم.
قال: أعرف ذلك الرجل.. لقد كان رجلا
صادقا.. ولكنه كان مسكينا.. زار ذات مرة تلك البلاد التي تغرب منها الشمس، فرأى ما
فيها من بهرج .. فعمي عن البهرج الذي فيها عن الحيات التي تسكنها وتوجهها([77]).
ومع ذلك.. فقد كان له ناصحون كثيرون([78]).. ولعله انتصح لهم.
قال الرجل: لم يكن ذلك الرجل وحده.. لقد
قرأت في بعض المصادر المهمة أن في الإسلام نظريتين: إحداهما تقول بأن الإسلام دين
ودولة، والأخرى تقول أن الإسلام دين روحي..
[77] يذكر بعضهم أن
علي عبد الرازق ذهب قبل تأليفه إلى بريطانيا، وأقام فيها عامين.. ومن أجل هذا
وغيره ذهب فضيلة الشيخ ( محمد بخيت ) رحمه الله إلى أن الكتاب ليس من تأليف (على
عبد الرازق)، ورجح الدكتور (ضياء الدين الريس) بأن مؤلف الكتاب الحقيقي هو مستشرق
إنجليزي يهودي الأصل، وهو (مرجليوث) ومن هنا أطلق عليه الأستاذ أنور الجندي (
حاشية على عبد الرازق على بحث مرجليوث )
[78] صدرت كتب
عديدة ترد على الكتاب وحوكم مؤلف الكتاب أمام هيئة كبار العلماء بالأزهر.