وكل كوكب، وكل نجم له مداره، يتحرك فيه
حول محوره، حركة منتظمة، محكومة بنظام خاص.
وهكذا إنسانية هذا الإنسان، المستمدة من
كونه مخلوقاً فيه نفخة من روح الله اكتسب بها إنسانيته المتميزة عن سائر طبائع
المخلوقات حوله.. إنسانية هذا الإنسان ثابتة.. ولكن هذا الإنسان يمر بأطوار جسدية
شتى من النطفة إلى الشيخوخة.. ويمر بأطوار اجتماعية شتى، يرتقي فيها وينحط حسب
اقترابه وابتعاده من مصدر إنسانيته.. ولكن هذه الأطوار جميعا لا تخرجه من حقيقة إنسانيته
الثابتة. ونوازعها وطاقاتها واستعداداتها المنبثقة من حقيقة إنسانيته.
ونزوع هذا الإنسان إلى الحركة لتغيير
الواقع الأراضي وتطويره.. حقيقة ثابتة كذلك.. منبثقة أولاً من الطبيعة الكونية
العامة، الممثلة في حركة المادة الكونية الأولى وحركة سائر الأجرام في الكون..
ومنبثقة ثانياً من فطرة هذا الإنسان. وهي مقتضى وظيفته في خلافة الأرض.. فهذه
الخلافة تقتضي الحركة لتطوير الواقع الأرضي وترقيته.. أما أشكال هذه الحركة فتتنوع
وتتغير وتتطور([70]).