قال: ويعز علي
أن أترك من كان سببا في حياتي يذوق الموت قبل أن يضع رجله في بلاد السلام التي
وضعت رجلي فيها.
قال لنا ذلك..
ثم أعطانا خطة الفرار.. فسرنا خلفه نقطع المسالك والمهالك إلى أن وصلنا إلى أرض
عراء كانت قريبة من قاعدة من قواعد البلاد التي تنشر الصراع، وتحشر أنفها في كل
شيء.
هناك.. قال
لنا: اذهبوا الآن.. فلن تتعرضوا هنا لأي سوء..
فجأة.. رأينا
جنودا كثيرين.. لسنا ندري هل كانوا من الإنس أم من الجن.. أحاطوا بنا، ثم طلبوا
منا أن نرفع أيدينا.. ففعلنا.
تقدم قائدهم
منا، وسألنا عنا، فأخبرناه، فقال: من المفروض أن تكونوا هذه الساعة في تلك
المغارة، وأن ينفذ فيكم الإعدام في الصباح، فكيف جئتم؟
قلنا: لقد
أنقذنا هذا الضابط الباسل.
اقترب منه، ثم
نظر إليه مليا والحقد يبدو على عينيه، وقال له بصوت أقرب إلى الهمس منه إلى الجهر:
ما الذي فعلته أيها المجنون؟.. لقد أحبطت كل شيء..
قال ذلك، ثم
أشار إلى بعض الجنود إشارة خفية بأن يطلق عليه النار، ففعل، فصحنا: إن هذا هو الذي
أنقذنا، فكيف تقتلونه؟
لم يلتفت
إلينا.. بل أخذنا إلى داخل القاعدة، وهناك التقينا بمن عرفنا ماذا نفعل، وما ينبغي
قوله، وأخبرنا في نفس الوقت بأن أي تجاوز منا لما طلب منا لن يعرضنا إلا للموت.
عندما صحنا:
إن ما تفعلونه جريمة، قالوا لنا: إن الأمن القومي يقتضي هذا.. وليس في الحرب أخلاق..
فإما أن تتعهدوا أمامنا بما طلبنا، وإما أن تقدموا رؤوسكم لمن يحصدها.