ولم يتصوروه
خالقا للدنيا أو خالقا للأرباب التي تساكنه في جبل الأوليمب وتركب معه متن السحاب،
فهو علي الأكثر والد لبعضها، ومنافس لأنداده منها، وتعوزه أحيانا رحمة الآباء ونبل
العداوة بين الأنداد.
ولم يزل
(زيوس)إلي عصر (هومير) خاضعا للقدر مقيدا بأوامره، عاجزا عن الفكاك من قضائه.
لقد صوره لنا
الشاعر المتدين علي مثال أقرب إلي خلائق الرحمة والإنصاف، ومثال الكمال، ولكنه نسب
الخلق إلي أرباب أقدم منه ومن سائر المعبودات الأولمبية.. وهي (جيا) ربة الأرض و(كاوس)
رب الفضاء و(أيروس) رب التناسل والمحبة الزوجية، وجعل أيروس يجمع بين الأرض وزوجها
الفضاء فتلد منه الكائنات السماوية والأرضية وآخرها أرباب الأوليمب، وعلي رأسهم
(زيوس) الملقب بأبي الأرباب.
قلنا: فهل
ظللت طول عمرك في بلاد اليونان، واكتفيت بما عندها من الآلهة؟
قال: لا.. لقد
زرت الهند، وبحثت في معابدها ومخطوطاتها، والتقيت برجال
دينها.. وقد وجدت أن الديانات الهندية القديمة تعود إلى أزمنة أقدم من
العصر الذي دونت فيه أسفارها المعروفة بالكتب الفيدية..
لقد رأيت من
خلال البحث المستوعب المستقصي أن (الله) في الديانات الهندية القديمة لم يكن
واحدا.. بل كان أنواعا شتي من الآلهة.. منها آلهة تمثل قوى الطبيعة وتنسب إليها..
فيذكرون المطر، ويشتقون منه اسم (الممطر).. ويعتبرونه الإله الذي يتوجهون إليه في
طلب الغيث.. ومن هنا كان (أندر) هو إله السحاب، لأنه مشتق من كلمة (أندر) بمعني
المطر، أو بمعني السحاب.
ويذكرون إلى
جانب (أندر) إله النار.. وإله النور.. وإله الريح.. وإله البحار.. ويجمعونها