وكان منها الآلهة
العليا، وهي آلهة الخلق التي تدين عبادتها بشرائع الخير وتحاسبهم عليها وتجمع
المثل العليا للمحاسن والأخلاق، وتضمن السعادة الأبدية للأرواح في عالم البقاء.
قلنا: فهل انتهت رحلتك
عند هذا الحد؟
قال: لقد بدأت رحلتي
بهذا.. ولم تنته به.
قلنا: فحدثنا.
قال: قال:
لقد قدر الله لي أن أرحل إلى بلاد اليونان في فترة كانت فيها ممتلئة
بالأفكار المطعمة بالخرافات.
قلنا: فما
رأيت؟
قال: لقد
وجدتها في تلك العهود السحيقة ممتلئة بجميع أنواع العقائد البدائية قبل أرباب
(الأوليمب) الذين خلدوا في أشعار هومير وهزيود.. لقد عبدوا الأسلاف والطواطم
ومظاهر الطبيعة وأعضاء التناسل ومزجوا العبادات جميعا بطلاسم السحر والشعوذة..
واستمدوا من جزيرة (كريت) عبادة النيازك وحجارة الرواسب التي شاعت بيت أهل الجزيرة
من أقدم عصورها البركانية.. فرمزوا بها إلي أرباب البراكين والعوالم السلفية..
واتخذها بعضهم (طوطم) ينتسبون إليها انتساب الأبناء إلي الآباء.
لقد كان أرباب
الأوليمب في مبدأ أمرهم يقترفون أقبح الآثام ويستلمون لأغلظ الشهوات.. وقد قتل
زيوس أباه (كرونوس) وضاجع ابنته، وهجر سماءه ليطارد عرائس العيون والبحار، ويغازل
بنات الرعاة في الخلوات، وغار من ذرية الإنسان، فأضمر له الشر والهلاك، وضن عليه
بسر (النار) فعاقب المارد برومثيوس لأنه قبس له النار من السماء.