وعن عروة أن أهل مكة أخرجوا زيد بن الدثنة من الحرم
ليقتلوه، فقال له أبو سفيان: أنشدك بالله يا زيد، أتحب أن محمدا عندنا بمقامك تضرب
عنقه، وأنت في أهلك، فقال زيد : والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه
تصيبه شوكة تؤذيه، وأنا جالس في أهلي، فقال أبو سفيان: والله ما رأيت أحدا يحب
أحدا كحب أصحاب محمد محمدا ([869]).
وقد قادت هذه المحبة ـ التي امتلأت بها قلوب
المؤمنين ـ إلى تحقيق ما أمر الله به من تعظيم نبيه (ص) وتوقيره وبره، كما قال تعالى:﴿ إِنَّا
أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ
وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا﴾
(الفتح:8- 9)، وقوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا
بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ) (الحجرات:1)، وقوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ
بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ
لا تَشْعُرُونَ) (الحجرات:2)، وقوله تعالى:﴿ لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ
بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ
يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ
أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (النور:63)
هذه بعض مواقف التكريم من أهل دينه، أما من غيرهم..
فكل المنصفين يشهدون لمحمد (ص) بأنه
الرجل الوحيد الذي لا يسبقه رجل في العالم صدقا وإخلاصا وإيجابية.
لقد ذكر مايكل هارت في كتابه (العظماء مائة وأعظمهم
محمد (ص)) سبب اختياره لمحمد (ص)، وكونه الأعظم فقال: (إن اختياري لمحمد ليقود
قائمة أكثر أشخاص العالم تأثيراً في البشرية قد يدهش بعض القراء، وقد يعترض عليه
البعض.. ولكنه كان (أي محمد) الرجل الوحيد في التاريخ الذي حقق نجاحاً بارزاً في
كل من المستوى الديني والدنيوي)
ويقول: (كان محمد الرجل الوحيد في التاريخ الذي نجح
في مهمته إلى أقصى حد، سواء على المستوى الديني أم على المستوي الزمني)([870])