ثم التفت إلى الجمع، وقال: لاشك أنكم تعرفون
نظرية النسبية.
قالوا: أجل..
عبد القادر: لقد أدمج إينشتين
المكان والزمان في نظرية النسبية الخاصة عام 1905م، وأعلن أنه (ليس لنا أن نتحدث
عن الزمان دون المكان، ولا عن المكان دون الزمان، ومادام كل شيء يتحرك فلابد أن
يحمل زمنه معه، وكلما تحرك الشيء أسرع فإن زمنه سينكمش بالنسبة لما حوله من أزمنة
مرتبطة بحركات أخرى أبطأ منه)
وقد تحققت ظاهرة انكماش الزمن علميا في
معامل الفيزياء، حيث لوحظ أن الجسيمات الذرية تطول أعمارها في نظر راصدها إذا ما
تحركت بسرعة قريبة من سرعة الضوء.
وعلى سبيل المثال، يزداد نصف العمر لجسيم
البيون (نصف العمر هو الزمن اللازم لينحل هذا الجسيم إشعاعيا حتى يصل إلى نصف
كميته) في الساعة المعملية الأرضية إلى سبعة أمثال قيمته المعروفة إذا تحرك بسرعة
قدرها 99 بالمائة من سرعة الضوء.
وطبقا لنظرية إينشتين، فإننا إذا تخيلنا
أن صاروخا اقتربت سرعته من سرعة الضوء اقترابا شديدا، فإنه يقطع رحلة تستغرق خمسين
ألف سنة (حسب الساعة الأرضية) في يوم واحد فقط (بالنسبة لطاقم الصاروخ)
فإذا فكرت في زيارة أطراف الكون فإنك
ستعود إلى الكرة الأرضية لتجد أجيالا أخرى وتغيرات كبيرة حدثت على هذا الكوكب الذي
سيكون قد مر عليه حينئذ آلاف أو ملايين أو بلايين السنين بحساب أهل الأرض الذين لم
يخوضوا معك هذه الرحلة المذهلة، وذلك إذا كنت قد تحركت في رحلتك بسرعة قريبة من
سرعة الضوء.. وذلك لأن الزمن ينكمش مع ازدياد السرعة، وتزداد السرعة مع ازدياد
القدرة على ذلك.
وهكذا أصبح من المقنع للماديين أن السرعة
والزمن والقدرة أشياء مترابطة.
الرجل: ولكن نظرية النسبية تعتبر أن
أكبر سرعة هي سرعة الضوء، وبناء على معلوماتنا الفلكية البسيطة، فإن الأبعاد
الهائلة للكون تحوجنا إلى ملايين السنين الضوئية لنصل إلى بعض ما في الكون من نجوم
وأشباه نجوم.
ففي أغسطس سنة 1988 تم اكتشاف مجرة
راديوية تبعد عنا خمسة عشر بليونا من السنين الضوئية، وفي نهاية سنة1989 تم
اكتشاف شبيه نجم يبعد عنا بمسافة (17400) مليون سنة ضوئية، ويعتبر بعده أقصي حد
وصل إليه علماء الفلك في الجزء المدرك من الكون الذي يتسع باستمرار.
وفوق هذا، فإن قرآنكم يعتبر كل ما نراه
سماء دنيا، فيقول:﴿ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾ (فصلت: 12)