فلما خلصا فإذا بموسى بن عمران، رجل آدم
طوال كأنه من رجال شنوءة، كثير الشعر، فسلم عليه النبي (ص) فرد عليه السلام، ثم قال: مرحبا
بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم دعا له بخير، وقال: يزعم الناس أني أكرم على الله
من هذا، بل هذا أكرم على الله مني.
ثم صعد، فلما انتهينا إلى السماء السابعة
رأى فوقه رعدا وبرقا وصواعق، فاستفتح جبريل، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن
معك؟ قال: محمد، قيل: أوقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به وأهلا، حياه الله
من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجئ جاء.
ففتح لهما فسمع تسبيحا في السموات العلا
مع تسبيح كثير.
فلما خلصا فإذا النبي (ص) بإبراهيم رجل أشمط،
جالس عند باب الجنة، على كرسي مسندا ظهره إلى البيت المعمور، ومعه نفر من قومه،
فسلم عليه النبي (ص)، فرد عليه السلام، فقال: مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح وقال:
مر أمتك فليكثروا من غراس الجنة، فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة، فقال له: وما غراس
الجنة؟ قال: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)([857])
وهو أشبه ولده به، وعنده قوم جلوس بيض
الوجوه أمثال القراطيس، وقوم في ألوانهم شئ، فقام هؤلاء الذين في ألوانهم شئ،
فدخلوا نهرا، فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلصت ألوانهم، وصارت مثل ألوان أصحابهم.
فجاءوا فجلسوا إلى أصحابهم فقال: يا
جبريل من هؤلاء البيض الوجوه ومن هؤلاء الذين في ألوانهم شئ، وما هذه الأنهار التي
دخلوها؟ فقال: أما هؤلاء البيض الوجوه فقوم لم يلبسوا إيمانهم بظلم، وأما هؤلاء
الذين في ألوانهم شئ فقوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فتابوا فتاب الله عليهم،
وأما هذه الانهار فأولها رحمة الله، والثاني نعمة الله، والثالث:﴿ وَسَقَاهُمْ
رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُورا﴾ (الانسان: 21)، وقيل له: هذا مكانك ومكان أمتك.
وإذا هو بأمته شطرين: شطر عليهم ثياب
كأنها القراطيس، وشطر عليه ثياب رمد، فدخل البيت المعمور، ودخل معه الآخرون الذين
عليهم الثياب البيض وحجب الآخرون الذين عليهم الثياب الرمد وهم على خير، فصلى ومن
معه من المؤمنين في البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون
إليه إلى يوم القيامة، آخر
[857] وفي رواية:«
أقرئ على أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأن غراسها؟
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر »