وبينا يسير إذ دعاه
داع عن يمينه: يا محمد، أنظرني أسألك، فلم يجبه، فقال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا
داعي اليهود، أما إنك لو أجبته لتهودت أمتك.
وبينا هو يسير إذ دعاه عن شماله: يا محمد
أنظرني أسألك، فلم يجبه، فقال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا داعي النصارى، أما إنك
لو أجبته لتنصرت أمتك.
وبينا هو يسير، إذا بامرأة حاسرة عن
ذراعها وعليها من كل زينة خلقها الله تعالى، فقالت: يا محمد أنظرني أسألك، فلم
يلتفت إليها، فقال: ما هذه يا جبريل؟ قال: تلك الدنيا، أما إنك لو أجبتها لاختارت
أمتك الدنيا على الآخرة.
وبينا هو يسير، فإذا هو بشئ يدعوه متنحيا
عن الطريق، يقول: هلم يا محمد، فقال جبريل: سر يا محمد، فقال: من هذا؟ هذا عدو
الله إبليس، أراد أن تميل إليه.
وسار، فإذا هو بعجوز على جانب الطريق،
فقالت: يا محمد أنظرني أسألك، فلم يلتفت إليها، فقال: من هذه يا جبريل؟ قال: إنه
لم يبق من الدنيا إلا ما بقي من عمر هذه العجوز.
وبينا هو يسير إذ لقيه خلق من خلق الله،
فقالوا: السلام عليك يا أول، السلام عليك يا آخر، السلام عليك يا حاشر، فقال
جبريل: اردد السلام، فرد، ثم لقيه الثانية فقال له مثل ذلك، ثم لقيه الثالثة فقال
له مثل ذلك.
فقال: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: إبراهيم
وموسى وعيسى.
ومر على، موسى، وهو يصلي في قبره الكثيب
الأحمر، رجل طوال سبط آدم كأنه من رجال شنوءة، وهو يقول يرفع صوته: أكرمته وفضلته،
فدفع إليه، فسلم عليه فرد عليه السلام، وقال: من هذا معك يا جبريل؟ فقال: هذا
أحمد، فقل: مرحبا بالنبي العربي الذي نصح لأمته ودعا له بالبركة وقال: سل لأمتك
اليسر.
فساروا فقال: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا
موسى بن عمران.
ثم مر برجل قائم يصلي قال: من هذا معك يا
جبريل قال جبريل: هذا أخوك محمد، فرحب به ودعا له ببركة فقال: سل لأمتك اليسر،
فقال: من هذا يا جبريل: قال هذا أخوك عيسى.
ومر على شجرة كان ثمرها السلاح، تحتها
شيخ وعياله، فرأى مصابيح وضوءا، فقال: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أبوك إبراهيم،
فسلم عليه فرد عليه السلام، وقال: من هذا معك يا جبريل؟ قال: هذا: ابنك أحمد،
فقال: مرحبا بالنبي العربي الذي بلغ رسالة ربه ونصخ لأمته، يا بني إنك لاق ربك
الليلة، وإن أمتك آخر الأمم وأضعفها، فإن استطعت أن تكون حاجتك أو جلها في أمتك
فافعل، ودعا له بالبركة.