قام مستأجر بولس،
وقال:
والشفاعة.. لا أراك تتحدث عنها.
عبد القادر: الشفاعة التي وردت
بها نصوصنا المقدسة نوعان:
أولها ما يسمى بالشفاعة العظمى، وهي
الشفاعة في ذلك الموقف العظيم الذي يقفه العباد ينتظرون أن يحاسبوا على أعمالهم،
ويجازوا عليها.
فقد أخبر رسول الله (ص) عن قصة تلك الشفاعة
في حديث طويل، فقال: (أنا سيّد النّاس يوم القيـامة، وهـل تدرون ممّ ذلك؟ يجمع
الله النّـاس الأوّلـين والآخرين في صعيـد واحد يسـمعهم الدّاعي وينفـذهم البصر،
وتدنو الشّمس، فيبلغ النّاس من الغمّ والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول
النّاس: ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربّكم؟ فيقول بعض
النّاس لبعض: عليكم بآدم. فيأتون آدم عليه السّلام فيقولون له: أنت أبوالبشر، خلقك
الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر المـلائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربّك، ألا
ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيـقول آدم: إنّ ربّي قد غضب اليـوم
غضبـًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنّه قد نهاني عن الشّجرة فعصيته،
نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح.
فيأتون نوحًا فيقولون: يا نوح إنّك أنت
أوّل الرّسل إلى أهل الأرض، وقد سمّاك الله عبدًا شكورًا، اشفع لنا إلى ربّك، ألا
ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إنّ ربّي عزّ وجلّ قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله
مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنّه قد كانت لي دعوة دعوتـها على قومي، نفسي نفسي
نفسي، اذهبـوا إلى غيري اذهبـوا إلى إبراهيم.
فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت
نبيّ الله وخليـله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟
فيقول لهم: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله،
نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى.
فيـأتون موسى فيـقولون: يا موسى أنت رسول
الله، فضّلك الله برسالته وبكلامه على النّاس، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما
نحن فيه؟ فيقول: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده
مثله، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى.
فيـأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسول
الله وكلمته ألقاها إلى مريـم وروح منه، وكلّمت النّاس في المهد صبيًّا، اشفع لنا
إلى ربّك ألا ترى إلى ما نحن فيه، فيقول عيسى إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب
قبـله مثله، ولن يغضب بعده مثله ـ نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبـوا إلى
محمّد (ص).
فيـأتون محمّـدًا، فيقولون: يا محمّد أنت
رسول الله وخـاتم الأنبيـاء، وقد غفر الله لك ما تقـدّم من ذنبك وما تأخّر، اشفع
لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟