بولس: نحن نعتقد أن المسيح صلب ليكفر الخطيئة
الأزلية التي ارتكبها آدم تحت تأثير زوجته بإغواء من الحية حينما أكل من الشجرة،
وانتقلت هذه الخطيئة بطريق الوراثة إلى جميع نسله، وكانت ستظل عالقة بهم إلى يوم
القيامة، لولا أن افتداهم المسيح بدمه كفارة عن خطاياهم.
وسر ذلك يرجع إلى أن من صفات الله العدل
والرحمة، فبمقتضى صفة العدل كان على الله أن يعاقب ذرية آدم بسبب الخطيئة التي
ارتكبها أبوهم، وطرد بها من الجنة، واستحق هو وأبناؤه البعد عن الله بسببها.
وبمقتضى صفة الرحمة كان على الله أن يغفر
سيئات البشر.
ولم يكن هناك من طريق للجمع بين العدل
والرحمة إلا بتوسط ابن الله الوحيد، ليموت على الصليب كفارة ونيابة عنهم، وبهذا
العمل يكون الله قد جمع بين عدله ورحمته مع الانسان وأخذ العدل حقه، وظهرت رحمة
الله.
سكت بولس، فقال عبد القادر: وأنتم لم تكتفوا
بصلب المسيح ليكفر خطايا البشر، بل أضفتم إلى ذلك تكريمين عظيمين لا يعلمهما كثير
من الناس:
أما أولهما، فتكريمه بدخوله إلى جهنم
وعذابه فيها.. وأما الثاني، فاعتباره لكم ملعونا، كما جاء في رسالة بولس إلى أهل
غلاطية (3/13): (المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا لأنه مكتوب
ملعون كل من علق على خشبة)
قال ذلك، ثم التفت إلى بولس، وقال: أليس كذلك حضرة
القس؟
بولس: نحن نقول الثانية، ولا نقول
الأولى.
عبد القادر: بل تقولون بكليهما،
أو على الأحرى يقول كثير من قومك بكليهما، وبما أنك سلمت للثانية، فسأذكر لك أدلة
الأولى([820]).
لقد ذكر جواد بن ساباط هذه العقيدة من
كتاب الصلاة المطبوع سنة 1506 هكذا: (كما أن المسيح مات لأجلنا ودفن، فكذا لا بد
أن نعتقد أنه دخل جهنم)
وفيلبس كوادنولس الراهب كتب في رد رسالة
أحمد الشريف بن زين العابدين الأصفهاني كتاباً بالعربية سماه بـ (خيالات فيلبس)([821])قال فيه: (الذي تألم
لخلاصنا وهبط إلى الجحيم ثم في اليوم الثالث قام من بين الأموات)
[821] ذكر رحمة الله
الهندي أن هذا الكتاب طبع سنة 1669 في الرومية الكبرى في بسلوقيت وأنه حصل له
بطريق العارية نسخة قديمة من هذا الكتاب من كتبخانة إنكليز في بلدة دهلي.