ظهر في الليلة التي
ولد فيها رسول الله (ص)، وسأذكر لكم بعض ما وري في ذلك.
لقد حديث حويصة بن مسعود قال: كنا ويهود
فينا كانوا يذكرون نبيا يبعث بمكة اسمه أحمد، ولم يبق من الأنبياء غيره، وهو في
كتبنا وما أخذ علينا صفته كذا وكذا حتى يأتوا على نعته.
قال: وأنا غلام وما أرى أحفظ وما أسمع
أعي إذ سمعت صياحا من ناحية بني عبد الأشهل، فإذا قوم فزعوا وخافوا أن يكون أمر
حدث، ثم خفي الصوت ثم عاد فصاح ففهمنا صياحه: يا أهل يثرب هذا كوكب أحمد الذي ولد
به.
قال: فجعلنا نعجب من ذلك، ثم أقمنا دهرا
طويلا ونسينا ذلك، فهلك قوم، وحدث آخرون، وصرت رجلا كبيرا، فإذا مثل ذلك الصياح
بعينة: يا أهل يثرب قد خرج محمد، وتنبأ وجاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى
عليه الصلاة والسلام.
فلم أنشب أن سمعت أن بمكة رجلا خرج يدعي
النبوة، وخرج من قومنا وتأخر وأسلم فتيان منا أحداث ولم يقض لي أن أسلم، حتى قدم
رسول الله (ص) المدينة([14]).
وعن حسان بن ثابت قال: إنى لغلام يفعة
ابن سبع سنين أو ثمان، أعقل ما رأيت وسمعت، إذا بيهودي في يثرب يصرخ ذات غداة: يا
معشر يهود، فاجتمعوا إليه ـ وأنا أسمع ـ فقالوا: ويلك مالك؟ قال: قد طلع نجم أحمد
الذى يولد به في هذه الليلة([15]).
و عن مالك بن سنان قال: جئت بنى عبد
الاشهل يوما لأتحدث فيهم، ونحن يومئذ في هدنة من الحرب، فسمعت يوشع اليهودي يقول:
أظل خروج نبى يقال له أحمد يخرج من الحرم.
فقال له خليفة بن ثعلبة الاشهلى،
كالمستهزئ به: ما صفته؟ فقال رجل ليس بالقصير ولا بالطويل، في عينيه حمرة، يلبس
الشملة ويركب الحمار، سيفه على عاتقه وهذا البلد مهاجره.
قال: فرجعت إلى قومي بنى خدرة وأنا يومئذ
أتعجب مما يقول يوشع، فأسمع رجلا منا يقول: ويوشع يقول هذا وحده!؟ كل يهود يثرب
يقولون هذا.
قال أبى مالك بن سنان: فخرجت حتى جئت بنى
قريظة فأجد جمعا، فتذاكروا النبي (ص)، فقال الزبير بن باطا: قد طلع الكوكب
الأحمر الذى لم يطلع إلا لخروج نبى أو ظهوره، ولم يبق أحد إلا أحمد، وهذا مهاجره.