فقد روي في سبب نزولها أن الوليد بن
المغيرة سمع شيئا من القرآن الكريم، فخرج على قريش فقال: يا عجبا لما يقول ابن أبي
كبشة. فوالله ما هو بشعر ولا بسحر ولا بهذْي من الجنون، وإن قوله لمن كلام الله.
فلما سمع بذلك النفرُ من قريش ائتمروا،
فقالوا: والله لئن صبا الوليد لتصْبُوَنَّ قريش، فلما سمع بذلك أبو جهل بن هشام
قال: أنا والله أكفيكم شأنه.
فانطلق حتى دخل عليه بيته فقال للوليد:
ألم تر قومك قد جمعوا لك الصدقة؟ فقال: ألستُ أكثرهم مالا وولدا. فقال له أبو جهل:
يتحدثون أنك إنما تدخل على ابن أبي قحافة لتصيب من طعامه، فقال الوليد: أقد تحدث
به عشيرتي؟! فلا والله لا أقرب ابن أبي قحافة، ولا عمر، ولا ابن أبي كبشة، وما
قوله إلا سحر يؤثر. فأنزل الله على رسوله (ص) هذه الآيات.
وقال قتادة: زعموا أنه قال: والله لقد
نظرت فيما قال الرجل فإذا هو ليس بشعر، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه
ليعلو وما يعلى، وما أشك أنه سحر، فأنزل الله:﴿ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾ الآية.
وقد روي أنه جاء إلى النبي (ص) فقرأ عليه القرآن،
فكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل بن هشام، فأتاه فقال: أي عم، إن قومك يريدون أن
يجمعوا لك مالا. قال: لم؟ قال: يعطونكه، فإنك أتيت محمدًا تَتَعَرض لما قبله. قال:
قد علمت قريش أني أكثرها مالا. قال: فقل فيه قولا يعلم قومك أنك منكر لما قال،
وأنك كاره له. قال: فماذا أقول فيه؟ فوالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا
أعلم برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقوله شيئًا من ذلك.
والله إن لقوله الذي يقول لحلاوة، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يعلى.
فقال له أبو جهل: والله لا يرضى قومك حتى
تقول فيه. قال: فدعني حتى أفكر فيه. فلما فكر قال: إن هذا سحر يأثره عن غيره.
فنزلت الآيات.
ومن كبار المستهزئين أبو لهب،
وكان من أشد الناس عداوة للنبي a، وكان يطرح القذر والنتن على باب رسول الله a، فرآه حمزة بن عبد
المطلب وقد طرح من ذلك شيئا، فأخذه وطرحه على رأسه، فجعل أبو لهب ينفض رأسه ويقول:
صابئ أحمق،