فالصلاة هي ركن أصيل
من أركان الثبات، ولهذا أمرنا الله تعالى بالاستعانة بها، فقال:﴿ وَاسْتَعِينُوا
بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾
(البقرة:45)
وقد كان رسول الله (ص) يلجأ إلى الصلاة
ليمسح تلك الآلام التي تحدثها أنواع الأذي التي يصبها عليه أعداؤه.
قال رجل من الجمع: أنا متعجب كل
العجب.. كيف استطاع محمد، وهو فرد في عالم يناوئه، ويبذل له كل صنوف العداوة.. كيف
استطاع أن يقيم دينا ودنيا.. وكيف يخرج من كل تلك النيران الموقدة، وليس بجسمه أثر
لحريق واحد؟
ابتدره عبد القادر مجيبا: إنها الحماية..
إنها حماية الله.. وهي معجزة أخرى من المعجزات لا تقل عن معجزة الثبات.
قالوا: فحدثنا عنها.
عبد القادر: إن شئتم أن تسمعوا
حديثها، أو لمن شاء منكم أن يسمع حديثها، فليأت هنا غدا صباحا، فسأروي لكم من
أخبارها ما تعلمون به أن محمدا رسول من عند الله، فالله يحمي رسله حتى يكملوا ما
هيئ لهم من وظائف.
قال ذلك، ثم انصرف، وانصرف الجمع غير
مبالين بي ولا بصاحبي حامل ثياب المسيح، وصليب المسيح.
نزلت علي في ذلك الحين أنوار جديدة من
شمس محمد (ص)،
وأحسب أن مثلها، أو بعض مثلها قد نزل على صاحبي بولس.
شعرت بذلك من خلال سنحة وجهه التي بدا
عليها سرور عظيم حاول جهده أن يخفيه بسمت الجد الذي تكلف في رسمه على وجهه.
في الطريق قال لي: أنت حر غدا..
اذهب حيث شئت.
قلت: أليس لدينا تدريب؟
قال: لدي بعض الوظائف يجب أن أؤديها،
فلذلك أدعك ترتاح قليلا، وإن شئت أن تخرج خارج هذه المدينة، فسأكلف السائق بأن
يسير بك حيث تشاء.
لقد شعرت ـ من خلال حديثه هذا ـ أنه يهم
بشيء، ويخشى أن أراه، لذلك قلت: لا داعي لذلك.. سأبقى في هذه المدينة، فأنا أحتاج
إلى مزيد معرفة بها.