إليها، بل عاش حياة بسيطة لا تختلف عن
حياة أفقر أصحابه.
فلم يتخذ رسول الله (ص) قصرا كعادة الملوك
والأمراء، بل كان يسكن منزلا بلا أثاث أو رياش، ولما دخل عليه عدي بن حاتم الطائي
وهو ملك طيء وسيدهم وحبرهم، وقد علق صليباً من الذهب في صدره، واستضافه النبي (ص) إلى منزله لم يجد النبي
(ص) ما يقدم لضيفه ليجلس
عليه إلا وسادة واحدة من ليف وضعها النبي (ص) ليجلس عليها، وجلس رسول الله (ص) على الأرض.
لقد كان في عهده (ص) من أنواع الترف ما
كان، ولكنه (ص) آثر الحياة التي عاشها على كل ذلك الترف، مؤثرا حياة العبودية.
لقد ذكر عمر بعض حياة رسول الله (ص) في حديث طويل قال
فيه: (فجلست فرفعت رأسي في البيت ـ أي بيته (ص) ـ فوالله ما رأيت في البيت شيئا يرد
البصر إلا أهبة ثلاثة، فقلت: (ادع الله يا رسول الله أن يوسع على أمتك، فقد وسع
على فارس والروم وهم لا يعبدون الله)، فاستوى جالسا، ثم قال: (أفي شك أنت يا ابن
الخطاب؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا)([663])
وقد كان (ص) ينهى عن الأكل متكئا، ويقول: (إنما
أنا عبد، آكل كما يأكل العبد، وأشرب كما يشرب العبد)([664])
وكان ينهى عن إطرائه والمبالغة في مدحه،
ويقول: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده فقولوا: عبد الله
ورسوله)([665])
وعندما قال له رجل: يا خيرنا وابن خيرنا
وسيدنا وابن سيدنا، قال له النبي (ص): (قولوا ما أقول لكم، ولا يستهوينكم
الشيطان، أنزلوني حيث أنزلني الله، أنا عبد الله ورسوله)([666])
أما طعامه (ص) ـ بعد أن فتحت له الدنيا ـ فقد
ذكره أنس فقال: (لم يأكل النبي (ص) على خوان حتى مات، وما أكل خبزاً مرققاً حتى مات)([667])، وفي رواية له: ولا
رأى شاة سميطاً