إلا أمية أو أبي، تقطعت
أوصاله فلم يلق في البئر([653]).
ومن ذلك التآمر على قتله (ص)، فعن ابن عباس أن
الملأ من قريش اجتمعوا في الحجر، فتعاقدوا باللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى
ونائلة وإساف لو قد رأينا محمدًا لقمنا إليه قيام رجل واحد، فلم نفارقه حتى نقتله،
فأقبلت ابنته فاطمة تبكي حتى دخلت على النبي (ص)، فقالت: هؤلاء الملأ من قومك قد تعاقدوا
عليك لو قد رأوك لقاموا إليك فقتلوك فليس منهم رجل إلا قد عرف نصيبه من دمك.
وقد أشار القرآن إلى تلك الحادثة بقوله
تعالى:﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ
أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ
الْمَاكِرِينَ﴾ (الأنفال:30)
عبد القادر: فتنة السراء أخطر من
فتنة الضراء، ولهذا كان الثبات في السراء على المبادئ أصعب منه في الضراء، ولهذا
قال من قال من الصحابة : (بلينا بفتنة الضراء فصبرنا، وبلينا بفتنة السراء فلم
نصبر)
بل ورد في الحديث الشريف قوله (ص): (لأنا في فتنة
السراء لأخوف عليكم مني في فتنة الضراء، إنكم ابتليتم بفتنة الضراء فصبرتم، وإن
الدنيا حلوة خضرة)([654])
فقد لجأت قريش لما فشلت مفاوضاتهم المبنية
على الإغراء والترغيب، والتهديد والترهيب، وخابوا فيما أبدوه من الرعونة وقصد
الفتك، رأوا أن يساوموه (ص) في أمور الدين، ويلتقوا به في منتصف الطريق، فيتركوا بعض ما هم
عليه، ويطالبوا النبي (ص)