الطبيب: صدق نبيكم، وهو يأكل
الصحة والعافية كما تأكل النار الحطب([272])، فالحسد يؤدي إلى ظهور
انفعالات نفسية عصبية كما تضطرب عنده الغدد الصماء، فيعتل جسمه ويذوب.
فالحاسد دوماً في ضيق
وقلق، وهذا يصحبه الأرق، ومع استمرار الأرق يحس بالإعياء والتعب ويفقد شهيته
للطعام ويتناقص وزنه ثم تظهر عنده أعراض عصبية مزعجة، كالصداع والطنين في الأذنين
تمنع عنه الراحة والهدوء، وقد تظهر آلام خناقية في صدره، وكلما احتدمت نزوات حسده
زاد الألم وتكررت نوباته مما يعرضه للإصابة بالذبحة الصدرية.
والحسد يهيء للإصابة
بقرحة المعدة التي ثبت أنها تنشأ من الانفعالات أكثر مما تنشأ عن خطأ في التغذية،
وقد يؤدي لارتفاع الضغط الدموي، والذي يتناسب ارتفاعه مع زيادة الانفعالات ويعظم
خطره. ونحن نعلم أن أطباء القلب يوصون المرضى بالهدوء والراحة وترك الهواجس، ونبذ انشغال
الفكر بالغير والبعد ما أمكن عن الانفعالات النفسية.
وقد يسبب الحسد مرض
السوداء [ المانخوليا ] عند الحاسد وحبه للوحدة والعزلة غير ما يؤدي إليه من
ارتباك العقل وعدم القدرة على التركيز، وكم سبب الحسد عند صاحبه من عقد نفسية
وتركت عنده أمراضاً لا يمحى أثرها.