لقد ذكر سيد قطب([153]) هذا النوع من الجمال القرآني، فقال:( إن هذا
الإيقاع متعدد الأنواع، ويتناسق مع الجو، ويؤدي وظيفة أساسية في البيان )
وذكر أن هذه الموسيقي
القرآنية إشعاع للنظم الخاص في كل موضع، فهي تابعة لقصر الفواصل وطولها، كما هي
تابعة لانسجام الحروف في الكلمة المفردة، ولانسجام الألفاظ في الفاصلة الواحدة..
وحيثما تلا الإنسان
القرآن أحس بذلك الإيقاع الداخلي في سياقه، يبرز بروزاً واضحاً في السور القصار،
والفواصل السريعة، ومواضع التصوير والتشخيص بصفة عامة، ويتوارى قليلاً أو كثيراً
في السور الطوال، ولكنه ـ على كل حال ـ ملحوظ دائماً في بناء النظم القرآني.
وذكر مصطفى محمود الأديب
الذواقة هذا الإحساس الذي يجده سامع القرآن وقارئه، فقال يحدث عن تجربته: لقد
اكتشفت منذ الطفولة دون أن أدري، حكاية الموسيقى الداخلية الباطنة في العبارة
القرآنية، وهذا سر من أعمق الأسرار في التركيب القرآني.. إنه ليس بالشعر وبالنثر،
ولا بالكلام المسجوع.. وإنما هو معمار خاص من الألفاظ صفت بطريقة تكشف عن الموسيقي
الباطنة فيها.
ويذكر الفرق بين النوعين
من الموسيقى، الموسيقى الباطنة والموسيقى الظاهرة، فيضرب مثالا على ذلك ببيت
للشاعر عمر بن أبي ربيعة، اشتهر بالموسيقي في شعره.. وهو البيت الذي ينشد فيه:
قال لي صاحبي ليعلم ما
بي أتحب القتول أخت الرباب؟
[153]
وذلك في كتابه (التصوير الفني) في فصل
خاص عن الإيقاع الموسيقي في القرآن، وذكر أن الموسيقيّ المبدع الأستاذ (محمد حسن
الشجاعي) تفضل بمراجعته وضبط بعض المصطلحات الفنية الموسيقية عليه.