قال: أجل.. إنه لم يفعل سوى أن غير رصف كلمات القرآن لينشئ
منها ما توهمه تحديا.. اسمع الآية الثانية من هذه السورة:( فأنا الملك الجبار
المتكبر القهار القابض المذل المميت المنتقم الضّار المغني فإياي تعبدون وإياي
تستعينون )
قلت: ما الذي جاء به من
عنده؟ كل ما ذكره ألفاظ قرآنية ومعاني قرآنية أعاد رصفها وصياغتها.
قال: سأكمل لك الآيات
المتبقية من هذه السورة.. اسمع:( ( 2 ) مهيمن يحطم سيف الظلم بكف العدل ويهدي
الظالمين ( 3 ) ويهدم صرح الكفر بيد الإيمان ويشيد موئلاً للتائبين ( 4 ) وينزع
غلَّ الصدر شذى المحبة ويشفي نفوس الحاقدين ( 5 ) ويطهّر نجس الزنى بماء العفة
ويبرئ المسافحين ( 6 ) ويفضح قول الإفك بصوت الحق ويكشف مكر المفترين( 7 ) فيا
أيها الذين ضلّوا من عبادنا توبوا وآمنوا فأبواب الجنة مفتوحة للتائبين )
بهذه الآيات السبعة التي
تتفق مع سورة الفاتحة في عددها تنتهي هذه السورة العجيبة التي تصور صاحبها أنه
يعارض بها القرآن.
قلت: دعنا من هذا
الجنون.. وعد بنا إلى القرآن.. ما سر جمال النظم القرآني؟
قال: إن القرآن ليس
كلمات مرصوفة تبحث عن فاصلة تنتهي بها، بل هو حقائق تنساب كما ينساب الماء العذب
في المنحدرات.. فلذلك كان له الجمال الذي لا يمكن وصفه.
قلت: فكيف يفهم الغير سر
إعجازه إذا لم تقدر على وصفه؟
قال: الأشياء التي ينتهي
فيها الجمال إلى مراتب لا تطاق لا يمكن وصفها.. لقد عبر عن ذلك ابن أبى الحديد،
وهو عالم من علماء المسلمين، وأديب من أدبائهم، فقال:( اعلم أن معرفة الفصيح