بل إن كثيراً
من الحشرات مثل النحل والفراشات تملك خاصية إبصار أفضل منك وأسرع بآلاف المرات،
وتستطيع أن ترى الأشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجية، وأن تحدد الزهور المفيدة
المحتوية على الرحيق بناء على هذه القدرات، وهذا ما اكتشفته أجهزة الإنسان وأبحاثه
الحديثة.
لقد اكتشفنا ـ
من خلال ما أتاحه الله لنا من أجهزة ـ أن معلوماتنا السابقة وقدراتنا قليلة جداً
بالمقارنة مع ما في هذا الكون من الموجودات حتى أن بعض البشر الأكثر علماً وذكاء ـ
وهو مكتشف النظرية النسبية (آينشتاين) ـ توصل بعقله وعلمه وفلسفته وتجاربه الفيزيائية
أنه لا يمكن أن يوجد شيء أو شعاع أو طاقة بمقدورها أن تتجاوز سرعة الضوء - وقد
توصل إلى ذلك ليس فقط فيزيائياً وتجريبياً، بل رياضياً وعقلياً - بناء على أقصى ما
يستطيع هذا العقل البشري المحدود تصوره – وقال: إن
سرعة الضوء تساوي رقماً معيناً وهو حوالي 300000 كيلومتر في الثانية - وهذا يعني
أن هناك حدوداً لما يستطيع الإنسان أن يتخيل أو يفترض ويقيس بأجهزته ومعداته.
سكت الخوارزمي
قليلا، ثم قال: لقد ذكر الله تعالى هذا الدليل بصيغة محكمة قوية مليئة بالمعاني..
لقد عبر عن ذلك بقوله: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ
يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ
(الأنعام:103)
انظروا دقة
التعبير القرآني.. لقد وضحت العلوم الحديثة الآية أكثر مما وضحته العلوم القديمة..
فالأبصار تستطيع أن تجري خلف شيء معين وتلحقه وتدركه عن طريق ما يسمى المطابقة
البصرية، وذلك إذا كان يقع ضمن المجال المرئي أو المجال الذي يمكن قياسه، وأما
الله تعالى فلا يمكن للأبصار ولا حتى أحدث أجهزة القياس البشرية أن تدركه.
وفي قوله:P
وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ O إشارة إلى أن ذلك من مقتضيات لطف الله
بعباده،