قال رجل منا:
أهذا هو الوقت الوحيد الذي يجيب الله فيه السائلين؟
قال محمد: لا..
الله جواد كريم يجيب عباده في كل الأوقات.. ولكل الحاجات.. ولكن هذا الوقت كأوقات
أخرى كثيرة يمتلئ بالنورانية.. وهي مناسبة جليلة لصفاء النفس، ورقة القلب وسمو
الروح.. والدعاء لا يرفع إلا إذا صدر من روح سامية ونفس صافية وقلب رقيق.
ولذلك أدعوكم –إخواني
– لترفعوا أيديكم إلى الله.. وادعوه.. وناجوه([359]).. فقد ألهمني
الله بأنه سيستجيب في هذا الحين لكل ما تطلبونه.
***
رفع أحدنا
يديه، وقال([360]):
إلهي ألبستني الخطايا ثوب مذلتي، وجللني التباعد منك لباس مسكنتي، وأمات قلبي عظيم
جنايتي، فأحيه بتوبة منك يا أملي وبغيتي، ويا سؤلي ومنيتي، فو عزتك ما أجد لذنوبي
سواك غافرا، ولا أرى لكسري غيرك جابرا، وقد خضعت بالانابة إليك، وعنوت بالاستكانة
لديك، فإن طردتني من بابك فبمن ألوذ!؟ وإن رددتني عن جنابك فبمن أعوذ!؟ فوا أسفا
من خجلتي وافتضاحي، ووالهفا من سوء عملي واجتراحي!
إلهي هل يرجع
العبد الآبق إلا إلى موالاه!؟ أم هل يجيره من سخطه أحد سواه!؟
إلهي إن كان
الندم على الذنب توبة، فإني وعزتك من النادمين، وإن كان الاستغفار من الخطيئة حطة
فإني لك من المستغفرين، لك العتبى حتى ترضى.
[359] آثرنا أن نقتصر في
هذا الفصل على ذكر بعض ما أثر من مناجاة أولياء الله الرقيقة.. وخاصة مناجاة سجاد
آل محمد ..
فهي مناجاة تجمع ألوان المعرفة.. بل هي تعبر عن الحقائق الإيمانية بمنتهى الرقة
والجمال.. وهي في قوتها الدلالية أقوى بكثير من كثير من الصيغ الجدلية الممتلئة
بالجفاف.
[360]من دعاء السجاد في مناجاة التائبين (ببعض تصرف)