قال آخر: لم
تركتنا نخوض غمار البحث الشاق المجهد بنفوسنا الضعيفة القاصرة؟
قال آخر: لم
تركت لعقولنا الحرية في البحث عن ربنا، وأنت تعرفه.. ألم يكن الأولى بك أن تتقدم،
فتقود جمعنا لتسير به إلى الله؟
ابتسم محمد،
وقال: أولا.. لقد استننت في هذا بسنة أبي إبراهيم –
عليه السلام -.. فقد ذكر الله من أساليب دعوته لقومه هذا الأسلوب، فقال:
وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ
مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ
هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى
الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي
رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ
بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ
إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي
فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)
(الأنعام)
انظروا كيف
مهد إبراهيم – عليه السلام – بهذه
التمهيدات جميعا ليعرف الخلق بالخالق.
هذا أولا..
أما ثانيا.. فقد رأيت أني لو بدأت وبادرت بالحديث عما علمني ديني من المعارف
المرتبطة بربي.. لانتفض كل واحد منكم وثارت فيه من النخوة ما يدعوه إلى الدعوة
لدينه والتعصب له، لذلك آثرت أن تكونوا أنتم أول المتحدثين.
والحمد لله..
فإني أرى الله قد فتح عليكم من المعارف ما جعلكم أهلا لأن تحقق لكم المطالب، وترفع
لكم الحاجات.. وهذا الوقت وقت مبارك أخبرنا رسول الله (ص)
أن الله يجيب فيه من سأله، ويعطي فيه من طلبه.