سيدُك..
فنطق فاستمعوا فاستفادوا فعملوا بمرضيات الملِك.. ثم دعاهم الملك لقصر خاص لا
يوصف، فأكرمهم بما يليق بمثله لمثلهم في مثل ذلك القصر..
أما الفريق الثاني، فما التفتوا
إلى شئ غير الأطعمة، فتعاموا وتصاموا، فأكلوا أكلَ البهائم، ثم شربوا من الإكسيرات
التى لا تشرب، فسكروا.. ثم راحوا يشوشون على الناظرين، فأخذهم جنود الملك فطرحوهم
في سجن يليق بهم.
ضرب لي بديع الزمان هذا المثال،
ثم قال: إذا تفطنت لسر التمثيل فانظر إلى صورة الحقيقة..
فأما القصر فهذا العالم الذي
نوّر سقفه بمصابيح متبسمة، وزيّن فرشه بأزاهير متزينة.
وأما الملك فهو سلطان الأزل
والأبد الذي
تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ
شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ
إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44) (الإسراء)
وأما المنازل، فالعوالم المزينة..
كل بما يناسبه.. وأما الصنائع الغريبة فهي معجزات قدرته.. واما الأطعمة فهي خوارق
ثمرات رحمته.. وأما المطبخ والتنور فالأرض وسطحها.. وأما الكنوز المخفية وجواهرها
فالأسماء القدسية وجلواتها.
وأما الاستاذ المعلم ورفقاؤه
وتلامذته، فسيدنا محمد والأنبياء - عليهم الصلاة والسلام –
وورثتهم من الهداة والأولياء.
وأما المسافرون المدعوون للسير
والضيافة؛ فالإنسان مع حواشيه من الحيوانات.
وأما الفريقان؛ فأحدهما أهل
الإيمان والقرآن الذي يفسّر لأهله معاني آيات كتاب الكائنات.. والآخر؛ أهل الكفر
والطغيان التابعون للنفس والشيطان لا يعرفون من الحياة إلا