قال: السمة
الرابعة للجزاء الإلهي هي أنه جزاء متوافق تماما مع نوع العمل، كما قال تعالى:
جَزَاءً وِفَاقاً (النبأ:26)، أي: هذا الذي صاروا إليه من هذه العقوبة وَفق أعمالهم
الفاسدة التي كانوا يعملونها في الدنيا ([310]).
بل إن النصوص
الكثيرة تدل على أن الجزاء المعد في الآخرة هو الصورة المجسدة للكسب، كما قال
تعالى:
قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ
السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ
يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ
(الأنعام:31)
وقد ورد في
الآثار عن أبي مرزوق في تفسير هذه الآية قال:( يستقبل الكافر أو الفاجر عند خروجه
من قبره كأقبح صورة رأيتها أنتنه ريحاً، فيقول: من أنت؟ فيقول: أو ما تعرفني؟
فيقول: لا واللّه، إلاّ أنَّ اللّه قبح وجهك وأنتن ريحك، فيقول: أنا عملك الخبيث،
هكذا كنت في الدنيا خبيث العمل منتنه، فطالما ركبتني في الدنيا، هلم أركبك)([311])
وإلى ذلك أيضا
يشير قوله تعالى: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا
غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا
يُظْلَمُونَ
(آل عمران:161)
[310] قاله مجاهد، وقتادة، وغير واحد، ابن كثير:8/307.