ومن الموازين
العادلة التي تنصب في ذلك اليوم الميزان المختص بالأجور، ولعله آخر
الموازين، أو هو نتيجة سائر الموازين، وانطلاقا من نتيجته تكون النجاة أو الهلاك.
وقد روي عن
عبد الله بن مسعود قال: يحاسب الناس يوم القيامة، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته
بواحدة دخل الجنة، ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار، ثم قرأ:
فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ
خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ
خَالِدُونَ (103) (المؤمنون)([302])
قال: من سمات الجزاء
الإلهي أنه لا يتم إلا بعد محاكمة عادلة تتسم بكل ما تتسم به المحاكمة العادلة من
أوصاف.. بل لا يمكن لأي محكمة أن تتسم بما تتسم به محكمة العدل الإلهي.
فمع أن الله
تعالى يعلم ما فعله عباده من خير أو شر، إلا أنه تعالى ـ عدلا منه ـ لا يحاسبهم
بمجرد علمه، بل يحاسبهم كما يحاسب الند نده.. وذلك من عدل الله ورحمته بعباده.
فأول ما تستند
إليه هذه المحاكمة العادلة هي الكتب التي كتبها الملائكة ـ
عليهم السلام ـ بتوكيل من الله تعالى..
فالله تعالى
بحكمته وعدله جعل مع كل إنسان شهودا على أعماله، وجعل لهم سجلات خاصة تتناسب مع
طبيعتهم يسجلون فيها حركات الإنسان، وأعماله، ولهذا سماهم الله تعالى (كراماً
كاتبين)، فقال تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ
مَا تَفْعَلُونَ(