بل إنه ـ يوم
القيامة ـ يأتي بعض الناس ممن لم يقتل حشرة، فيحشر في خانة كبار المجرمين.. لا
لأنه قتل، ولكن لأنه كتب رواية ملأها بالدماء المسفوكة، أو أخرج فيلما ضمنه ما
تختزن نفسه الشريرة من جرائم..
وهكذا بالنسبة
للعامل الصالح.. فقد يعمل الرجل العمل الواحد، ويكون له جزؤه لكن الله الشكور
الكريم يشكر عبده، فيجازيه بالآثار الإيجابية لذلك العمل.
وهذا ما يشير
إليه قوله تعالى معبرا عن أدعية الصالحين الممثلة لأمانيهم:
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا
قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) (الفرقان:74)
فهؤلاء
الصالحون لم يقصدوا بالإمامة إلا هذا.. فيكونوا قدوة صالحة لغيرهم.. ثم يجيئون يوم
القيامة في موازين حسناتهم.
ومن هذا الباب
استحب علماء السلوك المسلمين إظهار الأعمال الصالحة، ليكون الصلاح هو السلوك العام
الذي يحكم المجتمع المسلم.
وقريب من هذا
ما روي من الأعمال التي لا تنقطع بعد موت صاحبها، فقد ورد في الحديث قوله (ص):(
إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه،
أو مصحفا ورثه أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة
أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته)([295])
وفي حديث آخر،
قال رسول الله (ص):( سبع يجري أجرهن للعبد بعد موته وهو في قبره: من علم علما أو أجرى
نهرا أو حفر بئرا أو غرس نخلا أو بنى مسجدا أو ورث مصحفا أو ترك ولدا