مترتبة
على محورية المراقب.. وبفضل النسبية الخاصة أضحى المراقب ـ فجأة ـ جزءا أساسياً من
عالم الفيزياء، ولم يعد في مقدور الباحث العلمي أن يعتبر نفسه متفرجاً حيادياً كما
في نظام نيوتن.
ثم حدثت ثورة
متشابهة في فيزياء الجسيمات، فقد أثبت إيرنست رزرفورد عام 1911 أن الذرة تتكون من
نواة متناهية الصغر يحيط بها حشد من الإلكترونيات.
لقد حاول
الفيزيائيون ـ حينها ـ أن يفسروا تركيب الذرة استناداً إلى فيزياء نيوتن، غير أن
كل محاولة من محاولاتهم كانت تسفر عن تناقضات تبعث على الإحباط.. وقد أدى هذا
الفشل إلى التخلى كلياً عن نظام نيوتن على المستوى الذري، وإلى التعجيل بتطوير
(ميكانيكا الكم)([13])
في العشرينات من هذا القرن على أيدي علماء من أمثال نيلزبور وفيرنر هابزنبرغ،
وبمجيء ميكانيكا الكم تضاعفت أهمية دور المراقب في النظرية الفيزيائية..
لقد قال
الفيزيائي ماكس بورن([14])
يعبر عن ذلك: (لا يمكن وصف أي ظاهرة طبيعية في مجال الذرات إلا بالرجوع إلى
المراقب رجوعاً لا إلى سرعته فحسب كما في حالة النسبية، بل إلى جميع أنشطته لدى
قيامه بالمراقبة وبتركيب الآلات وما إلى ذلك)
[13] ميكانيكا الكم: هي ميدانٌ من ميادين علم الفيزياء، يصف تركيب
الذرّة وحركة الجسيمات الذرية، ويوضح كيف تمتص الذرات الطاقة في شكل ضوء، وكيف
تطلقها، ويوضح طبيعة الضوء.. وهي تتجاوز الحدود القصوى للفيزياء التقليدية، التي
تقوم على أساس القوانين التي صاغها نيوتن.. وهي تُعد من المُنجَزَات العلمية
الكبرى التي تحققت في القرن العشرين.. وبالإضافة إلى أهميتها النظرية، فقد ساهمت
في تطوير أجهزة عملية مثل أجهزة الليزر والترانزستور، كما مكنت العلماء من تحقيق
فهم أفضل للروابط والتفاعلات الكيميائية.
[14] هو مَاكْس بُورن (1882 ـ 1970م) فيزيائي ألماني أدى دوراً كبيراً
في تطوير ميكانيكا الكم.. في عام 1954م نال جائزة نوبل للفيزياء مناصفة مع فالتربوتا
تقديرًا لأعماله.. ساهم بورن أيضاً في مجالات علم البلورات والبصريات. وحصل على
شهادة دكتوراه من جامعة جتجين عام 1907م. وُلد في برسلو، بألمانيا (حالياً روكلاو
في بولندا)