وكنت أوقن إلى
جانب هذا ـ على حسب ما تعلمت من نيوتن ـ أن طبيعة هذه الجسيمات ـ أى الذرات ـ
وخواصها ثابتة إلى الأبد.. وأن الذرة هي أصغر جسيم يمكن تصوره.
أما الزمان
والمكان فكلاهما ـ ـ على حسب ما تعلمت من نيوتن ـ حقيقتان مطلقتان، وأنهما سيظلان
كوجودين حتى لو فنيت كل الأشياء المادية فى الكون..
أما التغيرات
الحاصلة للمادة، فقد قصرها لي نيوتن على مجرد عمليات انفصال هذه الجسيمات الثابتة،
وعلى عمليات اتحادها وحركاتها الجديدة.
وفسر لي كيفية
طروء التغيرات بأن القوانين الطبيعية تنظم حركة المادة في إطار الزمان والمكان
المطلقين.
ووصف لي الهدف
المثالي لنظامه قائلاً: (إن استخلاص مبدأين عامين أو ثلاثة مبادئ عامة للحركة من
الظواهر، ثم إظهار كيفية انبثاق خواص ونشاط جميع الأشياء المادية من هذه المبادئ
التي يكون قد تم استجلاؤها، سيمثلان خطوة كبيرة في ميدان الفلسفة)
لقد كنت شديد
الإعجاب بكل هذه الحقائق التي تعلمتها من نيوتن.. ولم أكن فريدا في ذلك.. فقد حقق
نظام نيوتن نجاحاً في العديد من المجالات، ولاسيما في مجالي الفيزياء والكيمياء،
وتمت له الغلبة بشرحه ظواهر الحركة والحرارة والضوء والكهرباء.
ولكن هذا
الإعجاب لم يتوقف عند المعاني التي طرحها نيوتن([12]).. فقد ولدت
في تلك
[12] نحب أن ننبه هنا إلى أن نيوتن لم يكن ملحدا، بل حاول أن يحتفظ
بمكان للألوهية في نظامه الميكانيكي الخاص بالسماوات، ففي رسالة وجهها إلى الدكتور
ريتشارد بنتلي في عام 1692 أكد له فيها على أن الله ضروري لإحداث حركة الكواكب
وإرساء البنية الأصلية للمجموعة الشمسية قائلاً: (إن حركات الكواكب الراهنة لا
يمكن أن تكون قد انبثقت من أي علة طبيعية فحسب، بل كانت مفروضة بفعل قوة عاقلة)