قال العظم:
ألا يكفي هذا الكلام العلمي لأن يجعل هذا المجلس ينفض؟.. لقد أتيت بفصل الخطاب..
ولا يمكن لأحد في الدنيا أن يعقب على حرف واحد مما ذكرت.
قال حبنكة: اسمح لي أن أعقب على
ما ذكرت.. فقد اتفقنا جميعا، ومعنا هذا الجمع على أن لا نعظم إلا الحقيقة..
الحقيقة وحدها، بغض النظر عمن يمثلها، هل أنا أم أنت؟
طأطأ العظم رأسه، فقال حبنكة:
سأبدأ حديثي معك عن تساؤلك عن علة وجود المصدر الأول للأشياء، وزعمك أن إحالة
المؤمنين ذلك على الله تعالى يساوي نظرياً وقوف الملحدين عن السديم، الذي اعتبروه
المادة الأولى لهذا الكون.. فكلا الفريقين عندك متساويان مع فارق مهم، وهو أن
الملحد اعترف بهذا قبل المؤمن بخطوة واحدة.. فهل هذا ما تقصده؟
قال العظم: أجل.. أم أنك تحتقر
ما ذكرت؟
قال حبنكة: لا.. أنا لا أحتقر
ما ذكرت.. ولكني أقرره لأناقشه عن بينة.
قال العظم: إن كان لديك قدرة على
نقض ذلك الكلام، فهلم به.
قال حبنكة: اسمح لي أن أذكر لك
بأن ما ذكرته ليس سوى مغالطة من المغالطات الفكرية.. وهي مغالطة قائمة على التسوية
بين أمرين متباينين تبايناً كلياً، ولا يصح التسوية بينهما في الحكم.
غضب العظم، وقال: لا ينبغي لك
أن تقول هذا.. إن ما تقوله خطير..
قاطعه حبنكة بهدوء، وقال: اصبر
علي كما صبرت عليك.. فلا يمكن أن ننفعل أثناء حوارنا.
هدأ العظم، فقال حبنكة: إن
الترجمة الصحيحة لكلامك هي (ما دام الموجود الأزلي غير معلول الوجود، فلم لا يكون
الموجود الحادث غير معلول الوجود أيضاً؟)
وكل ذي فكر صحيح سليم من الخلل
يعلم علم اليقين أنه لا يصح أن يُقاس الحادث على