حتى
إذا كان النصف الثانى من القرن الثامن عشر الميلادى عصر سيادة العقل.. أو عصر
التنوير.. قام فلاسفة يشيرون إلى وجود التناقض فى الكون والحياة ويحاولون تفسيره،
من أبرزهم (فيشته) و(هيجل)
أما فيشته،
فقد استخدم مبدأ النقيض كى يدعم سيادة العقل كمصدر للمعرفة مقابل الدين والطبيعة..
وأما هيجل
فاستخدم مبدأ النقيض لتأكيد قيمة العقل من جهة، ثم لدعم فكرة الألوهية من جديد،
وتأكيد الوحى كمصدر أخير للمعرفة، فهو يعتبر الخالق عقلا.
لقد تصور هيجل
ـ الذي أردت نسبة فلسفتي إليه ـ أن هناك فكرة مطلقة.. أطلق عليها اسم (العقل
المطلق) – وهي ما تسمونه (الله) – انبثقت عنه الطبيعة،
وهى تغايره تماما، لأنها مقيدة ومتفرقة وهى عنده العقل المقيد.. ثم انتقلت الفكرة
من الطبيعة أو العقل المقيد إلى جامع يلتقى فيه الشئ ونقيضه، وهو العقل المجرد
الذى هو نهاية الطبيعة المحدودة وغايتها.
وهذا العقل
المجرد يتمثل فى القانون والأخلاق، وفى الفن والدين والدولة والجماعة والفلسفة..
فالعقل المجرد الذى يتحقق فى أى وحدة من هذه القيم العاملة المذكورة جامع
للمتقابلين: جامع للفكرة فى العقل المطلق وهو الله، وللفكرة فى العقل المقيد وهو
الطبيعة.. ذلك أنه ليس له إطلاق العقل المطلق، ولا تحديد عقل الطبيعة، بل فيه
إطلاق بالنسبة إلى الطبيعة وتقييد بالنسبة للعقل المطلق، ولذا يعتبر جامع الدعوى
ومقابل الدعوى.
هذا هو الركن
الثاني، وأما الركن الثالث.. فهو العظيم دارون صاحب نظرية التطور..
لقد جاء دارون
يؤله الطبيعة، ويقول عنها: إنها تخلق كل شئ، ولا حد لقدرتها على الخلق.. وجاء
ليؤكد أن الإنسان هو نهاية سلسلة التطور الحيوانية.. وأن التطور ذاته – الذى
أنشأ الحياة