الطبيعة،
والفلك، وعلم الحياة، وعلم الإنسان، وعلم النفس والتاريخ والحضارة والسياسة
والاجتماع وغيرها من العلوم..
وكل حديث في
التاريخ الإنساني مصدره (الشعور)، فضلا عن اللاشعور، لا يخلو من الأغلاط والأكاذيب
والأدلة الباطلة.
أما الكلام
النبوي فإنه بريء ولا شك من كل هذه العيوب رغم اتصاله بجميع العلوم.. فقد مرت قرون
إثر قرون أبطل فيها الآخرون ما ادعاه الأولون، وما زال صدق كلام النبوة باقيا على
الزمان، ولم يستطع أحد أن يدل على باطل جاء به، وكل من حاول ذلك أخفق.
خامسا..
لقد رأيت من خلال اطلاعي على مؤلفاتك ومؤلفات إخوانك من الذين يستدلون بالتاريخ أو
الاجتماع أنكم لا تدرسون الدين من وجه صحيح.. ولهذا يبدو في نظركم شيئا غريبا..
أنتم تتناولون الدين على أنه (مشكلة موضوعية)، فلهذا تجمعون في سلة واحدة كل ما
أطلق عليه اسم (الدين) من رطب ويابس، في أي مرحلة من التاريخ، ثم تتأملون في ضوء
هذا المحصول حقيقة الدين.
إن هذا موقف
ينحرف بكم عن الصواب من أولى مراحله، ولهذا يبدو لكم الدين - جراء هذا الموقف
الفاسد-عملا اجتماعيا، لا كشفا لحقيقة.. ومن المعلوم أن لكل ما يكشف عن حقيقة من
الحقائق مثلا أعلى، ولا بد عند البحث عن هذه الحقائق أن ندرس مظاهرها وتاريخها في
ضوء مثله الأعلى.. أما الأمور التي تأتى بها أعمال اجتماعية فليس لها مثل أعلى..
وبقاؤها رهن بحاجة المجتمع إليها.
ومنهج البحث
عن الدين يختلف عن هذا كل الاختلاف.. فليس من الصحيح البحث عن حقائقه، كما يبحث
المؤرخون عن تطورات فنون العمارة والنسيج والحياكة والسيارات، لأن الدين