بالعجمة..
وقد كان الناس يطلقون عليه اسم (مظْهر) ([42]).. ولست أدري
هل كان ذلك هو اسمه الحقيقي، أم أنه لقب كالألقاب التي تعود قومنا أن يتنابزوا
بها.. فإن كان لقبا، فقد صدق من لقبه به، فقد كان كل شيء فيه يدل على اهتمامه
الشديد بمظهره، ومراعاته الشديدة له.
لن أطيل عليكم..
سأقص عليكم الحوار كما سمعته حرفا حرفا..
بدأ مظهر
الحديث، فقال متوجها للغزالي: إذا كان الله قد خلق العالم فمن خلق الله؟
قال الغزالي:
كأنك بهذا السؤال أو بهذا الاعتراض تؤكد أنه لا بد لكل شىء من خالق!!
قال مظهر: لا
تلقنى فى متاهات، أجب عن سؤالى.
قال الغزالي:
لا لف ولا دوران، إنك ترى أن العالم ليس له خالق، أى أن وجوده من ذاته دون حاجة
إلى موجد، فلماذا تقبل القول بأن هذا العالم موجود من ذاته أزلاً وتستغرب من أهل
الدين أن يقولوا: إن الله الذى خلق العالم ليس لوجوده أول؟
إنها قضية
واحدة، فلماذا تصدق نفسك حين تقررها وتكذب غيرك حين يقررها، وإذا كنت ترى أن إلهاً
ليس له خالق خرافة، فعالم ليس له خالق خرافة كذلك، وفق المنطق الذى تسير عليه!!
قال مظهر:
إننا نعيش فى هذا العالم ونحس بوجوده، فلا نستطيع أن ننكره!
[42] أشير به إلى (إسماعيل مظْهر بنُ مُحمّد بن ِ عبدالمجيدِ)
(1308-1381 هـ) كان أحدَ دعاةِ الداروينيّةِ في العصر ِ الحاضر ِ ، ومن دعاةِ
الشعوبيّةِ ، أنشأ مجلّةِ العصور ِ في مصرَ وذلكَ في سنةِ 1927 م ، وجعلَ من
مجلّتهِ باباً للطعن ِ في الدين ِ ، ونشر ِ الشعوبيّةِ ، وفتح ِ بابِ الرّدةِ و
الإلحادِ ، كانَ معظّماً لليهودِ ، وداعياً للسير ِ على نهجهم وطريقتهم ، وكانَ
يُسمّي نفسهُ: صديقَ دارون ، وألّفَ في الانتصار ِ لنظريّةِ داروين مجموعة ً من
المؤلفاتِ ، ثمّ اعتنقَ الفكرَ الشيوعيَّ ، وأنشأ حزباً أسماهُ حزبَ الفلاح ِ ،
جعلهُ منبراً لنشر ِ الشيوعيّةِ والاشتراكيّةِ ، ثمّ في آخر ِ عمرهِ أعرضَ عن كلِّ
ذلكَ ، ورجعَ عن الكثير ِ من آراءهِ ، وألّفَ كتاباً أسماهُ (الإسلامُ لا
الشيوعيّة) ، وقد اشرنا إلى تراجعه في هذه المناظرة..