المنكرون لعالم الذر من الفريقين سنة وشيعة

ذكرنا اختلاف علماء أهل السنة في إثبات عالم الذر ونفيه؛ فالأكثر أثبته؛ أي أثبت خلق الأرواح قبل خلق الأجساد، وأنّها خوطبت بالميثاق: )ألست بربكم... قالوا بلى(خطاباً حقيقياً، وبه جزم غير واحد من كبار أئمتهم، منهم: الأئمة محمد بن نصر المروزي، وأبو محمد ابن حزم، والإمام إسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل، والبغوي، والغزالي...، بل عامّة أهل السنة على هذا فيما نعلم، إلاّ قليل، ومستندهم في إثباته الأخبار الكثيرة جدّاً، وهناك من قد صرّح أنّها متواترة في هذا أو كادت..

وأبرز من خالف من أهل السنّة فيما نعلم، نافياً عالم الذر، منكراً وجود الأرواح قبل الأجساد، الإمام ابن القيم الجوزيّة (751هـ) فلقد تأوّل الأخبار الواردة فيه قال:

فالآثار المذكورة إنّما تدل على أنّه سبحانه استخرج أمثالهم وصورهم، وميز أهل السعادة من أهل الشقاوة، وأمّا مخاطبتهم واستنطاقهم، وإقرارهم له بالربوبية، وشهادتهم على أنفسهم بالعبودية، فمن قاله من السلف، فإنّما هو بناء منه على فهم الآية، والآية لم تدل على هذا، بل دلّت على خلافه ([11]).

قلت: ستأتي النصوص الصريحة الكثيرة عن جمع من الصحابة في عكس ما قال تماماً، ناهيك عن صراحة الآية: )قالوا بلى (.

كما قد اختلف علماء الشيعة الإماميّة في إثبات عالم الذر ونفيه، ولعلّ المشهور المشتهر بينهم إثباته، كما هو ظاهر حال الشيخ الصدوق1 وغيره، وخالف المفيد