وأيضاً لا نسلّم عدم قدرة فرعون على الإيمان ؛ إذ الاستدلال بمجرّد عدم الوقوع ، لإثبات العدم المطلق هراء ؛ كونه تحكّماً ومصادرة جليّين .
فأقلّ الغرض من تكليف فرعون مطوي في قوله تعالى : لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ كفرعون ويزيد ومعاوية وبقيّة المجرمين عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ.
وبيان هذا مطوي في مثل قوله تعالى : وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ([70]).
وقوله تعالى : وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12) وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ([71]).
وهو صريحٌ بغرض الله تعالى وحكمته من تكليف من علم سبحانه أنّه لا يؤمن كفرعون ، ولا ينتهي عن جرم كيزيد ؛ إذ الغرض الحجّة والاحتجاج .
على أنّ قوله تعالى: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ظاهرٌ في قدرة واستطاعة المصطرخين في جهنّم على الإيمان والطاعات .
[70] فاطر : 35-36.
[71] السجدة : 12-14.