مرّ في أوّل صفحة أنّ البداء بأوجز عبارة هو مجموع ظهورين كالآتي..
البداء = ظهور من العبد لله + ظهور من الله على العبد.
هذان الظهوران موجودان في علم الله الأزلي؛ فالله تعالى عالم بما كان، ويكون، وما سيكون، وما لو كان كيف يكون؛ وإنّما كما قلنا مراراً وتكراراً قضى الله تعالى أن لا يثيب ولا يعاقب في الدنيا والآخرة إلاّ إذا ظهر له من العبد طاعة أو معصية، كما قال سبحانه: )وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ(([15]). ولقد أجمع المسلمون أنّ معنى:) حَتَّى نَعْلَمَ (، أي حتى تظهر لنا طاعة المجاهدين لنميزهم عن غيرهم....
ما ينبغي التنبيه عليه، هو أنّ عندنا نحن الشيعة وكذا أهل السنّة، دون خلاف أعلمه، تخريجان مرضيّان مستحسنان للبداء، وربما ظنّ بعض علماء الفريقين أنّهما معنيان متقابلان متنافيان، وهو خطأ محض؛ إذ البداء شيء واحد، غاية الأمر أنّ له اعتبارين في جهتين..