قلت: ومعنى: أَحَبَّ اللهُ قَومًا ابتَلاَهُم ما قلناه من أنّهم من دون محنة البلاء وشدّة الابتلاء، يعرضوا عن الله تعالى، فلا ينالوا القرب والزلفى في الدارين نتيجة لذلك، وهذا لا يحبّه الله تعالى ولا يبتغيه؛ فتعيّن البلاء والابتلاء؛ ليرحمهم؛ فأمّا البلاء فهو المحنة؛ كضـرّ البحر في الآية الآنفة، وأمّا الابتلاء فهو التكليف، وهو مطلوبيّة الدعاء وذكر الله تعالى مطلقاً؛ سيما مواطن الضرّ.
ولقد أشار القرآن الكريم إلى أنّ بعض البلاء النازل، ما يكون تنبيها من الغفلة وكلّ ما يوجب البعد عن الله والإعراض عنه تعالى بقوله: ومَا أَرْسلْنَا في قَرْيَةٍ مِّن نّبىٍ إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْساءِ والضـرّاءِ لَعَلّهُمْ يَضـرّعُونَ([167])، فجعل الغاية هي الرجوع إلى الله تبارك وتعالى بالتضرّع اليه؛ فالله تبارك وتعالى يريد أن يتصل به عباده دون غفلة، وأن يتوجّهوا اليه وحده دون نسيان.
روى الكليني بإسناده عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد الله قال: كان علي بن الحسين يقول: «إنّي لأكره للرجل أن يُعافى في الدنيا، فلا يصيبه شيء من المصائب»([168]).