وقال تعالى: ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ ([368])، هذا كلّه في الأمة الطالحة، والأمة الصالحة على خلاف ذلك.
إشكال: الحوادث الكونيّة الطبيعيّة
فإن قيل: أن كلامكم السابق يصح في المصائب والابتلاءات الراجعة إلى الإنسان وأعماله كالحروب وانتشار الظلم وارتفاع الأمن، أما الحوادث العامة والخاصة كالسيول والزلازل والأمراض المسرية، فلها أسبابها الطبيعية المطردة فإذا تحققت تحقّقت هذه الظواهر سواء صلحت النفوس أو طلحت، وعليه فلا محل للتعليل بالأعمال الحسنة والسيئة بل هو فرضية دينية، وتقدير لا يطابق الواقع.
والجواب: إننا لا نريد بقولنا السابق إبطال الأسباب الطبيعية لهذه الظواهر الكونية، بل غاية ما في الأمر أن لكل معلول ومنها هذه الظواهر أسباباً طبيعية مادية وأخرى غيبية ملكوتية، وهذه الأسباب الغيبية أشد تأثيراً من الأولى، فليس مرادنا إبطال نظام السببية، بل إثبات علة في طول علة، وعامل معنوي فوق العوامل