نام کتاب : الحکمة من بلاء و الموقف المنه نویسنده : الشیخ مقداد الربیعي جلد : 1 صفحه : 154
المسألة الخامسة
انقسام البلاء إلى عام وخاص
ينقسم البلاء إلى بلاء خاص يصيب الفرد من الناس، وإلى بلاء عام يشمل المجتمع برمته، وقد أشار الى الثاني قوله تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ([364]).
وقد تقدّمت الأدلّة في الفصل الثاني أنّ بلاء الحوادث الكونية نتيجة لمعصية العباد وطاعتهم؛ فاذا وافقت الأعمال أمر تعالى ونهيه، وجرت سيرتها في طاعة الله سبحانه استتبع ذلك نزول الخيرات، وانفتاح أبواب البركات، وهذا ما نصّ عليه قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ([365]).
وأما إذا انحرفوا عن صراط العبودية، وتمادوا في الغي والضلالة والدونية، أوجب ذلك ظهور الفساد في البر والبحر وهلاك الأمم بانتشار الظلم وارتفاع الأمن وبروز الحروب وسائر الشـرور الراجعة إلى الإنسان وأعماله، وكذا ظهور المصائب والحوادث الكونية المبيدة والتي تكون خارج إرادة واختيار الانسان، كالسيل والزلزلة والصاعقة والطوفان وغير ذلك، وقد عد الله سبحانه سيل العرم وطوفان نوح وصاعقة ثمود وصرصر عاد من هذا القبيل.
فإذن انغمار الأمة في المعاصي والسيئات سبب لجملة من الابتلاءات العامة، قال تعالى: أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ