نام کتاب : الحکمة من بلاء و الموقف المنه نویسنده : الشیخ مقداد الربیعي جلد : 1 صفحه : 141
فهذا ونحوه جلباب للفقر يستره عن أعين الناس، وليس المراد مجرد الصبر على الفقر، فكم من فقير يصبر ولا يستر، بل يظهر من حاله 8 أنه كان فقيراً، ومع صبره 8 ظهر فقره حتى تحدث أهل المدينة بذلك، إلى أنّ بعث بألف درهم فحينئذ ستره.
وأمّا إنهم كانوا يدفعونه بتحصيل أسباب الرزق، فمع وضوحه أيضاً يدل عليه صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله 8، قال محمد بن المنكدر: كان يقول: ماكنت أرى علي بن الحسين 8 يدع خَلَفاً أفضل من علي بن الحسين8 حتى رأيت ابنه محمد بن علي 8، فأردت أن أعظه فوعظني، فقال له أصحابه: بأي شيء وعظك؟
قال: خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة، فليقني أبو جعفر محمد بن علي 8، وكان رجلاً بادناً ثقيلاً، وهو متكئ على غلامين أسودين أو موليين فقلت في نفسي: شيخ من أشياخ قريش في مثل هذه الساعة على مثل هذه الحال في طلب الدنيا، أما أني لأعظنّه.
فدنوت منه، فسلّمت عليه، فردّ عليّ بنهرٍ وهو ينصاب عرقاً، فقلت أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في مثل هذه الساعة على مثل هذه الحال في طلب الدنيا، أرأيت لو جاء أجلك وأنت على هذه الحال، ما كنت تصنع؟
فقال: لو جاءني الموت وأنا على هذه الحال جاءني وأنا على طاعة من طاعات الله عز وجل، أكف بها نفسي وعيالي عنك وعن الناس، وإنما كنت أخاف أن لو جاءني الموت وأنا على معصية من معاصي الله عز وجل، فقلت صدقت يرحمك الله، أردتُ وعظك فوعظتني ([334]).