نام کتاب : الحکمة من بلاء و الموقف المنه نویسنده : الشیخ مقداد الربیعي جلد : 1 صفحه : 128
فإذا التفت الإنسان لهذه الحقيقة القرآنية أرجع الأمر كله لله وعلم إنه لا يصيبه شيئاً من آثار هذه الموجودات مهما عظمت إلاّ بإذنه تعالى، فيقول: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وهذا معنى قوله تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ([290]).
فسبب الجزع هو توهم الإنسان تأثير الأسباب من دون الله، فيعتقد إن للسلطان أو المسؤول أو العدو أن يضره، فتصيبه حال من الخوف والاضطراب واليأس، أو إن أسباب النفع بيد فلان، فتصيبه حالة من النفعية والوصولية طلباً لنيل رضاه، وقد قيل: إن القلوب جبلت على حب ما ينفعها ([291]).
فإذا علم أنه ليس لسبب من الأسباب الكونية أن يستقل بنفسه فيما يؤثر، وتحقق بقوله تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ([292])، اطمأنت نفسه وسكنت روحه، وبه يتحقق أحسن الصبر الذي يقطع منابت الجزع والأسف، ويغسل رين الغفلة.
فإن قال قائل: ما الدليل على رجوع الأمر كله لله؟
نقول: قوله تعالى: وَلِله مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ([293])، وقال: وَلِلهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا([294])، فأثبت فيها وفي نظائرها من الآيات الملك لنفسه