نام کتاب : الحکمة من بلاء و الموقف المنه نویسنده : الشیخ مقداد الربیعي جلد : 1 صفحه : 129
على العالم أجمع بما في ذلك الإنسان وكل الأسباب والموجودات، ومعنى ملكه أنه تعالى مالك على الإطلاق ليس بحيث يملكه من جهة ولا يملكه من جهة أخرى كما في الإنسان يملك عبداً أو شيئاً آخر فيما يوافق تصـرفاته أنظار العقلاء، وأما التصرفات السفهية فلا يملكها، فملكه له ناقص إنما يصحح بعض التصـرفات لا جميعها، فإن الإنسان المالك لعبد مثلاً إنما يملك منه أن يتصـرف فيه بالخدمة وباقي الأعمال وأما أن يقتله عطشاً أو جوعاً أو يحرقه بالنار من غير سبب موجب فالعقلاء لا يرون له ذلك، أي كل مالكية للإنسان فهي مالكية ضعيفة إنما تصحح بعض التصرفات المتصورة في العين المملوكة لا كل تصـرف ممكن، وهذا بخلاف ملكه تعالى للأشياء فإنها ليس لها من دون الله تعالى من رب يملكها وهي لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً.
وأيد ملكيته تعالى لكل الموجودات أنه منع التصرف في ملكه إلاّ بأذنه فقال عز من قائل: لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ([295])، وقال: إِنَّ رَبَّكُمْ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمْ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ([296])، فليس لأحد التصرف في ملكه تعالى إلاّ من بعد أذنه.
من هنا يتضح قوله تعالى في تعريف الصابرين: الَّذِينَ إِذَآ أَصَبَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ([297])، فهؤلاء يؤمنون إن الأمر كله راجع لله وهو وحده