responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحکمة من بلاء و الموقف المنه نویسنده : الشیخ مقداد الربیعي    جلد : 1  صفحه : 115

من هنا نلتفت إلى أنّ الكثير مما نسميه نعمة أو هو في الظاهر نعمة ليس كذلك، فالنعمة وصف عارض قد يتصف به الشيء أحياناً ويسلب منه أحياناً أخرى.

من هنا ينبغي أن نسأل: متى يكون الشيء نعمة، أو قل ما هو الملاك والضابطة فيها؟

نستفاد من دلالة الآيات على أن هذه الأشياء المعدودة نعماً إنما تكون كذلك إذا وافقت الغرض الإلهي من خلقتها لأجل الإنسان، فإنها إنما خلقت لتكون إمداداً إلهياً له يتصرف فيها في سبيل سعادته الحقيقية، وهي القرب منه سبحانه بالعبودية والخضوع للربوبية، قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ([259]).

فكل ما تصـرف فيه الإنسان للسلوك به إلى حضـرة القرب من الله وابتغاء مرضاته فهو نعمة، وإن انعكس الأمر عاد نقمة في حقه، فالأشياء في نفسها مجردة عن وصف كونها نعمة أو نقمة، وإنما هي نعمة لاشتمالها على روح العبودية.

ومن هنا يتضح إن أي موجود من الموجودات لا يكون نعمة إلاّ إذا كان موصلاً لمقام القرب منه تعالى، واستعماله في غير هذا السبيل يجعله نقمة تقتضـي العقوبة، وقطعاً لا يجوز أن يكون مثل هذا شكراً للمنعم، والله تبارك وتعالى لا يريد بنعمة من نعمه إلاّ أن تستعمل في سبيل عبادته، قال تعالى: وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ([260])، فشكره على نعمته أن يطاع فيها ويذكر مقام ربوبيته عندها.


[259] سورة الذاريات: 56.

[260] سورة إبراهيم: 34.

نام کتاب : الحکمة من بلاء و الموقف المنه نویسنده : الشیخ مقداد الربیعي    جلد : 1  صفحه : 115
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست